منتفعو الشؤون بغزة..معاناة يفاقمها طول الانتظار

فلسطين عبد الكريم

يوماً بعد يوم، تتفاقم معاناة الأسر الأشد فقراُ بغزة جراء تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية لأكثر من سبعة شهور متواصلة، في حين تكاثرت الديون على كثير من العائلات التي دفعتها الظروف الى الاستدانة من البقالة والصيدليات ومحال المواد الغذائية.

ليس هذا الأمر فحسب، فأغلب العائلات التي تعتاش على مخصصات الشؤون تسكن في منزل للإيجار، وتراكمت عليها الديون لأصحاب المنزل، في حين أن بعض أرباب تلك الأسر يشكو من امراض مزمنة مثل الضغط والسكري وغيره من الأمراض التي تحتاج الى علاجات وأدوية بشكل متواصل، وهو ما يعجز الكثير منهم عن شراء تلك الأدوية.

وتعتبر مخصصات الشؤون مصدر الرزق الوحيد لألاف العائلات الفقيرة بغزة، في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر جراء استمرار الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 15 عاماُ على التوالي.

مصدر رزق وحيد

" والدي مقعد، ولا يستطيع العمل، وليس لدينا أي مصدر رزق سوى المخصصات التي نحصل عليها من الشؤون الاجتماعية"، بهذه الكلمات بدأت المواطنة رحمة البلعاوي حديثها لـ"وكالة الرأي"، موضحة أن تأخر المخصصات المالية تركت آثاراً سلبية على عائلتها.

وقالت البلعاوي في حديث لـ"الرأي"، "بالكاد نستطيع تدبير امورنا في ظل تأخر صرف المستحقات، حيث وصلت الديون المتراكمة على والدي الى أكثر من 2500 شيكل".

"لم يعد باستطاعة والدي الاستدانة من أحد، لأنه لا يدري بماذا سيعدهم، ولو أراد الإيفاء بوعده عند الحصول على شيك الشؤون، فالمستحقات ليس لها أي علم، وهو بذلك يشعر بالإحراج"، أضافت البلعاوي.

ليس والد رحمة الذي تفاقمت معاناته جراء تأخر صرف مستحقات الشؤون، فوالدة زوجها أيضا مريضة سرطان، وتعتاش على تلك المخصصات في شراء ما يلزمها من علاجات وأدوية.

 

مرضى بانتظار الصرف

سهى بسام هي الأخرى لم يكن حال عائلتها بأفضل من حال عائلة سابقتها، فوالدها أجرى عملية سرطان بالمثانة وفاقد للسمع والنطق.

وقالت بسام في حديث لـ"الرأي":" مخصصات الشؤون هي المصدر الرزق الوحيد لعائلتي في ظل مرض الوالد، وكافة أفراد الأسرة يعتاشون منها"، موضحة أن الديون تراكمت على عائلتها في ظل تأخر صرف تلك المستحقات.

وكغيرها من العائلات الأخرى، لم تحصل عائلة بسام على المخصصات المالية للشؤون الاجتماعية منذ ما يقارب من سبعة شهور، في ظل التكتم من قبل وزارة التنمية برام الله الحديث عن موعد حقيقي لصرف تلك المخصصات.

 

منزل بالإيجار ومهدد بالطرد

أبو محمد سلمان هو أيضا يعتاش على مخصصات الشؤون لكن قصته تختلف عن سابقيه، حيث يسكن منزلاً للإيجار، وتراكمت عليه الديون لصاحب المنزل.

وقال أبو محمد في حديث لـ"الرأي": في كل مرة أتأخر فيها عن دفع ايجار المنزل يهددني صاحب المنزل بالطرد، واضطر الى أن أقدم له الوعد بأن أدفع له في حال تم صرف مخصصات الشؤون، لكن تأخر صرفها سبب لي الأذى ولعائلتي".

وكانت المرة الأخيرة التي حصل فيها منتفعو الشؤون الاجتماعية على مخصصاتهم، في العاشر من مايو الماضي، مبلغًا موحدًا بقيمة (750) شيقل، على أن يتم دفع باقي المستحقات في حال توفرت الأموال.

وفي كل مرة تعلن فيه وزارة التنمية برام الله، عن تحديد موعد وتاريخ معين لصرف مستحقات الشؤون، تترقب معه العائلات الفقيرة بغزة وتنتظر حصولها على المخصصات، إلا أن آمالهم وأحلامهم تتبخر عقب التأجيل والمماطلة والتلكؤ في الصرف.

وكان مفوض عام وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة لؤي المدهون، قد أكد أنّ الاتحاد الأوروبي وعد بالإيفاء بالتزاماته المالية تجاه برنامج التحويلات النقدية الخاص بالأسر الفقيرة خلال شهر سبتمبر 2021.

وأوضح المدهون في تصريحات صحفية، أنه بمجرد تحويل الأموال إلى وزارة المالية فإن الجهات المختصة ستُباشر بصرف مخصصات المستفيدين من الشؤون الاجتماعية دون أي تأخير.

وتصرف وزارة التنمية الاجتماعية مخصصات الشؤون لنحو (111) ألف أسرة، بمبلغ إجمالي (130) مليون شيقل تقريبًا لقطاع غزة والضفة الغربية، بنظام دفعة شهرية تتراوح من (700) شيقل إلى (1800) لكل أسرة كل ثلاثة أشهر.

وتُغطى مخصصات الشؤون الاجتماعية من ثلاثة جهات بنسب متفاوتة، 60% من موازنة السلطة و37% من الاتحاد الأوروبي، و3% من البنك الدولي.

ويعاني قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عاما، ظروف اقتصادية واجتماعية ومعيشية صعبة وقاسية جدا، في ظل ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين فئات كثيرة من المواطنين.