نظم في مقر المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة، اليوم الثلاثاء، حفل تخريج الفوج الثاني من طلبة برنامج البرمجة التابع للأكاديمية الوطنية للترميز.
واشتمل البرنامج على 70 طالباً وطالبة، خضعوا على مدار 4 أشهر لدورات مكثفة ضمن برنامج "البرمجة للشباب"، الذي يرعاه مكتب رئيس الوزراء، وتنفذه أكاديمية "اكسوس" الألمانية للتدريب.
وقال رئيس ديوان الموظفين العام، رئيس مجلس إدارة المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة موسى أبو زيد، إن برنامج البرمجة، قدم كوكبة من الشباب الفلسطيني القادر على جسر الهوة التي تتعلق بالفرق بين فلسطين التي لا تمتلك الموارد الطبيعية والدول الأخرى.
وأضاف أن فلسطين يمكنها أن تحدث التوازن من خلال مواردها البشرية وبناء المزيد من الرواد في مختلف المجالات وفي مقدمتها التقنية، منوهاً إلى أن هذا البرنامج والفكرة الرائدة والمستقبلية يجب أن تصنع واقعاً مختلفاً.
وأكد أبو زيد أن الخريجين يمتلكون قيمة اضافية ونوعية، مرتبطة بكل ما يمتلكونه من مهارات وقدرات ومواصفات شخصية، تم اكتسابها من خلال البرنامج، ومئات المواقف التي تم علاجها بقدر من الدراية والحكمة.
وأشار إلى أن صقل الشخصية واكسابها قدرات مختلفة، تمكّن الطلبة من الدخول إلى سوق العمل ليس فقط من خلال التقنيات والبرمجة التي يقوم عليها البرنامج، بل من خلال اكتساب مهارات التواصل التي تكتسب عبر التعلم الذاتي وليس من خلال التدريب المباشر.
وشدد على أن الإنسان إذا لم يكن جاداً ولا مثابراً ولا طموحاً، وليس لديه شعور بالمسؤولية ولا يمتلك أملاً في المستقبل، فلن يكون قادرا على مواجهة التحديات، منوها إلى أن المدرسة الوطنية للإدارة عملت على تحديد الثغرات ومعالجة الأخطاء لكي تبقي تركيز الطلبة منصباً على جوهر البرنامج.
بدوره، أوضح وزير الريادة والتمكين أسامة السعداوي، أن تخريج الفوج الثاني من طلبة برنامج الترميز للشباب، يعكس الأهمية القصوى التي توليها فلسطين وحكومتها لهذا البرنامج، رغم الضائقة المالية الخانقة التي تمر بها.
وأكد أن استضافة رئيس الوزراء محمد اشتية للخريجين الأسبوع الماضي، دليل على الاهتمام الذي يوليه لهذا البرنامج، ضمن رؤية شاملة للحكومة بضرورة النهوض بقطاع تكنولوجيا المعلومات، وتقديم فلسطين للعالم كعلامة تجارية متفوقة في هذا المجال، استناداً للإرث التاريخي للشعب الفلسطيني الذي خصص للتعليم مكانة خاصة، كسبيل للتقدم والتحرر والازدهار.
وأضاف: "يعكس هذا البرنامج الإيمان بقدرة الشباب الفلسطيني على التميز والإبداع، وتحقيقا لرؤية الحكومة بالانتقال من التعليم إلى التعلم، ومن الاحتياج للإنتاج، وإيمانها بأن الأداة المثلى لتحقيق هذه الأهداف هي الاستثمار في رأس المال البشري وإعادة توجيه الاقتصاد الفلسطيني نحو الاقتصاد المعرفي، وتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة وفرص استثمار كبيرة".
وأكد وزير الريادة والتمكين، أن الحكومة تؤمن بأن التكنولوجيا توفر فرص عمل جديدة، تمكن جميع القطاعات العاملة من الاندماج في الاقتصاد العالمي الذكي، القائم على مكافأة القدرات العملية للفرد، وتولي أهمية لبرامج تمكين الشباب، باتجاه تشجيع ثقافة وممارسة الريادة والتشغيل الذاتي، خصوصاً في القطاعات التقنية، والعمل الحر عن بعد من خلال الانترنت.
وأشار إلى أن هذا البرنامج يعد من الأمثلة الناجحة على سياسات الحكومة، حيث بلغت نسبة التشغيل للفوج الأول نحو 88%، عقب التخرج، مطالباً شركة "اكسوس" بالاستمرار في متابعة هذه النسبة للوصول إلى 100% حسب الاتفاق القائم معها.
وأضاف السعداوي أن التوقعات من الفوج الثاني تفوق التوقعات من الفوج الأول، نظراً لنضج التجربة والمهارات والمعارف المكتسبة التي تلبي الاحتياج المحلي والعالمي، وبفعل بيئة التدريب التي تمتع بها الفوج الثاني في المدرسة الوطنية.
ودعا الوزير الخريجين لنقل المعرفة لزملائهم في العمل، وإظهار قصص النجاح لتعزيز ثقافة العمل الحر وبث الروح الإيجابية لدى الشباب، التي تعتبر من أهم إمكانيات التمكين والنجاح.
من جانبه، تحدث مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية شاكر خليل، عن أهداف "برنامج البرمجة" النوعي، وفي مقدمتها ما يتعلق بالبعد استراتيجي لإعادة صياغة مخرجات سوق العمل بما يساهم في حل بعض الإشكاليات التي نعاني منها وفي مقدمتها البطالة.
وقال إن أكثر من 54% من المجتمع الفلسطيني هم من فئة الشباب تحت 36 عاماً، وتولي الحكومة اهتماما كبيراً بهذه الفئة، انطلاقاً من إدراكها لحقيقة وجود إشكاليات في اختراق سوق العمل، خاصة وأن نسبة البطالة بين خريجي الجامعات فاقت 50%، وأعلى نسبة سجلت بين طلبة كليات الهندسة بكافة تخصصاتها، ومرد ذلك عدة عوامل أبرزها أن الفلسطينيين يعيشون ظروفاً غير طبيعية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن هذا البرنامج استهدف المبدعين والشغوفين بالجانب التكنولوجي من الفئات الشابة على وجه التحديد، من تخصصات مختلفة كالبرمجة والعلوم الإدارية والهندسة والقانون وتخصصات من كليات أدبية، وهذا ما يفسر خضوع المتقدمين لجملة من الامتحانات والمقابلات لاختيار الملتحقين بعناية.
وأكد خليل أن القائمين على البرنامج النوعي والعالمي، فخورون بمخرجاته التي تم إنجازها على مدار 4 شهور مكثفة، ولكن ذلك يجب أن يشكل بالنسبة للخريجين البداية فقط، لأنهم ليسوا سوى في بداية الطريق ولم يصلوا بعد إلى مرحلة الخبراء في المجال التكنولوجي.
وشدد على أن بوادر نجاح "برنامج البرمجة" تتمثل في أن معظم خريجي الفوج الأول التحقوا بسوق العمل، مذكراً بأن الهدف من البرنامج هو تمكين الطلبة من افتتاح المشاريع الخاصة أو العمل مع القطاع الخاص التي تعتمد على التطوير من خلال المصادر الخارجية، في ظل توجه العالم نحو الثورة الصناعية الرابعة والتطبيقات الذكية، والتي تحتم على المؤسسات الأكاديمية إعادة التفكير بالتخصصات التقليدية.
وبين مستشار رئيس الوزراء أن البرنامج راعى التنوع الجغرافي والجندري، وتم تنفيذ مشروع شبيه في قطاع غزة بإشراف وتمويل من المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار".
رئيس مجلس "بكدار" محمد أبو عوض، أشار بدوره إلى إن أي مشروع وطني أو اقتصادي يحتاج إلى 3 عناصر أساسية، وهي رأس المال والموقع الجغرافي والكفاءة، وفي هذا البرنامج يمتزج شرطا الكفاءة ورأس المال المتمثل بالطلبة، الذين يشكلون ثروة وطنية.
وقال أبو عوض، إن تكنولوجيا المعلومات التي تشكل عماد الاقتصاد الرقمي، لا تعترف بالحدود الجغرافية ولا يمكن أن تخضع لأي عقبات خارجية.
وأضاف أن "برنامج البرمجة" هو من أهم البرامج التي تلائم واقع الشعب الفلسطيني، لأنه يتجاوز الحدود ولا يمكن إخضاعه لأية معيقات".