لماذا أصبح تلقيح الأطفال والشباب حاجة ملحّة حالياً؟

بات  تلقيح الأطفال والشباب حاجة ملحّة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، بعد تلقيح نسبة كبيرة من المسنّين. ففي مختلف دول العالم يتمّ التركيز حالياً على تلقيح مَن هم أصغر سنّاً، وتُكثّف حملات تلقيحهم وصولاً إلى تحقيق النسبة الأعلى من المناعة المجتمعيّة وللحدّ من انتشار الوباء.

تؤكّد رئيسة قسم الأمراض الجرثوميّة في مستشفى سيّدة المعونات - جبيل الدكتورة مادونا مطر أهمّية تلقيح هذه الشريحة العمريّة، في الوقت الذي ترى - بالنسبة إلى الأطفال - ألّا رابط ما بين عمليّة التلقيح وإعادة  فتح المدارس.

ما مدى أهمّية التشديد على تلقيح الأطفال و فئة الشباب في هذه المرحلة؟

بعد أن أعطيت الموافقة الطارئة لتلقيح مَن تخطّوا الـ 12 عاماً، تكثفت حملات تلقيح الأطفال في مختلف دول العالم لهذه المرحلة العمرية، ومنها أوروبا والولايات المتحدة.

لكنّه - وفق ما توضحه مطر - ما من شحّ في ال لقاحات في الدول كافّة. فاللقاح متوافر بكمّيات كبرى، وما من مشكلة في تلقيح مختلف الفئات العمريّة على نطاق واسع لتطبيق البروتوكولات الموضوعة. ولو أن اللقاحات متوافرة في لبنان بهذه الكميات لما كانت هناك حسابات أو جدالات حول الموضوع أو حول الأحقّية لفئات معيّنة بتلقّي اللقاح.

في ظلّ الوضع الحالي، ونظراً إلى أن كمّيات اللقاح المتوافرة محدودة، وبالرغم من أنّه اتخذ قرار البدء بإعطاء اللقاح لفئة الأطفال ضمن لجنة  كورونا - بحسب مطر - فإن كثيرين ممّن هم أكبر سناً لم يتلقّوا اللقاح بعد، وبالتالي قد لا يعتبر أخلاقياً إعطاء اللقاح للأطفال الذين يعتبرون أقلّ عرضة لمضاعفات المرض، ولو التقطوا العدوى، فيما هؤلاء الأكبر سناً لم يحصلوا على اللقاح بعد! فكان هناك اتجاه إلى الانتهاء من فئة مَن هُم أكبر سناً، وقد يكونون أكثر عرضة للخطر عند التقاطهم العدوى بالدرجة الأولى، ثم الانتقال بعدها إلى الأطفال.

من جهة أخرى، تُشير مطر إلى أنّه في المرحلة الحالية تعتبر نسبة الأطفال المسجّلين على المنصّة قليلة، لكن ثمة توقّعات بأن تزيد أعدادهم بعد أن يتشجّع الأهل تماماً كما حصل في المرحلة الأولى التي توافر فيها اللقاح في لبنان، وكانت الأعداد قليلة على المنصّة، ثمّ زادت أعداد الذين تسجّلوا بعد أن تشجّعوا. فثمة حاجة إلى تشجيع الأهل على تسجيل أطفالهم لتلقّي اللقاح حتى يكتسبوا المناعة.

في الوقت نفسه، تُشدّد مطر على أهمّية عدم الربط ما بين فتح المدارس وتلقّي الأطفال اللقاح، لأن ذلك سيؤخّر فتح المدارس من دون أيّ مبرّر. فلا علاقة لفتح المدارس بتلقّي اللقاح، وعلى الكلّ أن يتلقّى اللقاح بغضّ النّظر عن فتح المدارس أو لا، كما في مختلف دول العالم.

أما في المدارس فتسري القواعد السارية في الأماكن جميعها، حيث يوجد الأطفال عادةً؛ فالمطلوب التقيّدُ بالإجراءات الوقائية كاستخدام الكمامة وغسل اليدين والتباعد الاجتماعي، وهذا ما يسمح بالحدّ من الخطر، ولو لم يكن الطفل قد تلقّى اللقاح. هذا على أمل أن تتوافر كمّيات كافية من اللقاحات حتى يُصبح ممكناً تلقيح الأطفال كما في الدول الأخرى، لأن ذلك يُعتبر آمناً.

 

لماذا يتمّ التركيز على فئة الشباب حالياً؟

بعد أن تمّ تلقيح النسبة الكبرى من المسنّين حول العالم، توجّهت الأنظار إلى فئة الشباب، وانصبّ الاهتمام على أولوية تلقيحها لكونها من أكثر الفئات قابلية لنشر العدوى، بسبب المخالطة والخروج إلى المطاعم والنوادي الليلية. ففي المرحلة السابقة، لم يبدُ ذلك مهمّاً إلى هذا الحدّ لأن تلقيح المسنّين الأكثر عرضة للمضاعفات كان الأهمّ، ولكون الحجر كان يمنع خروج الشباب، فلم يكن هناك تخوّف من نشرهم الفيروس أو من نقلهم العدوى.

اليوم، تبدّلت المُعطيات، وأصبح تلقيحهم حاجة ملحّة، بعد أن أصبحت هذه الفئة الأكثر قابليّة لنشر العدوى، وهذا ما يبدو واضحاً على الأرض، نظراً إلى ارتفاع معدّلاتهم في الأماكن العامة. كذلك ترتفع معدّلات الإصابة بينهم بسبب انتشار متحوّر دلتا، لأن المسنّين تلقّوا اللقاح، وهم لم يفعلوا بعد.

ووفق ما تظهر الأرقام بحسب مطر أن نسبة 7 في المئة فقط ممّن تلقّوا اللقاح يلتقطون العدوى فيما الذين يلتقطون العدوى هم ممّن لم يتلقّوا اللقاح. فمن يتلقّى اللقاح يُمكن أن يلتقط  عدوى كورونا لكن بمعدّل أقلّ.