استعرض الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة واقع العمال الفلسطينيين في القطاع عشية يوم العمال العالمي والذي يصادف الأول من أيار/ مايو من كل عام، مؤكدًا أن أوضاعهم في قطاع غزة باتت على صفيح ساخن، محذّرة من كارثة إنسانية.
وقال رئيس الاتحاد العام سامي العمصي، في تقرير أصدره الاتحاد يلخص واقع العمال"، إنّه "ومع كل احتفاء عالمي بيوم العمال العالمي، يتجدد الحديث عن الفصول المؤلمة لمأساة العمال الفلسطينيين وخاصة عمال قطاع غزة وهم يعيشون تحت وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ستة عشر عاما في أبشع جريمة عقاب جماعي لم يشهد العالم مثلها".
ولفت إلى أنّ أعداد المتعطلين عن العمل في القطاع وصلت إلى أكثر من 250 ألف عامل، وبلغت نسبة البطالة 55%، فيما بلغت نسبة الفقر قرابة 80%، ولا زال الآلاف ينضمون لجيش البطالة كل مرة.
ففي قطاع الصيد البحري رصدت نقابات العمال، أكثر من عشرين حالة إطلاق نار شهرية من قبل قوات الاحتلال على الصيادين بهدف تفريغ البحر منهم، بحسب التقرير.
وأشار إلى أن الاحتلال اعتقل منذ بداية العام 18 صيادًا لا زال يعتقل ثلاثة منهم حتى اللحظة وهم محمود عزيز بكر، وأحمد إسماعيل الفصيح ومحمد نهاد السيلاوي، إضافة لمصادرة 7 قوارب (حسكات) وقارب (لنش)، وأصيب تسعة صيادين برصاص معدني مغلف بالمطاط أطلقه الاحتلال عليهم، أصيب أحدهم في الرأس وهو الصياد أحمد الصعيدي مطلع مارس/ أذار الماضي.
وقال العمصي إنّ "سياسة حصار قطاع الصيد جعل القوارب نفسها تهدد حياة الصيادين، فقد توفي ثلاثة صيادين نتيجة انقلاب قواربهم، وهذا يعود بالأساس لسياسة الحصار ومنع الاحتلال إدخال مواد الصيانة، الأمر الذي جعل قرابة 95% من محركات الصيادين غير صالحة للاستخدام، في ظل منع إدخال المحركات منذ عام 2006، فبات قطاع الصيد بحاجة إلى 300 محرك بشكل عاجل".
كذلك وضع الاحتلال الإسرائيلي، وفق التقرير، قطاع الزراعة الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصادي الفلسطيني ويشغل نحو 40 ألف مزارعٍ، على مجهر الاستهداف عبر فترات مختلفة من العام، من خلال تجريف الأراضي المستمر وحرق ورش المبيدات السامة وفتح السدود والعبّارات وقصف الأراضي الزراعية وإطلاق النار اليومي عليهم خلال التوجه إلى أعمالهم.
وأكّد أنّ الاحتلال تعمد استهداف القطاع الزراعي بغزة بعد أن حقق قطاع الزراعة الذي يشكل 25% من الاقتصاد الفلسطيني على مدار الأعوام الماضية اكتفاءً ذاتيًّا، وحافظت الأسعار في السوق المحلي على استقرارها.
وأشار التقرير إلى أن العدوان الإسرائيلي الذي شنه الاحتلال في مايو/ أيار 2021 عمّق من الكارثة الإنسانية وأكمل ثالوث المعاناة والمآسي بحق العمال الفلسطينيين وأطلق رصاصة الرحمة على آمال العمال بتحسن حياتهم المعيشية وخلق أفق لحياة أفضل، بعد أن خلف دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمصانع والورش والمنازل والمؤسسات الحكومية والأهلية.
وأوضح أنّ الاحتلال دمر 50 مصنعًا وتضرر نحو 20 ألف عامل بصورة مباشرة وغير مباشرة من العدوان، وتسريح 5 آلاف عامل خلال العدوان.
وبيّن أنّ قطاع النقل العام، والذي يعمل فيه 20 ألف سائق يعملون على تحميل الركاب ونقل طلبة المدارس والجامعات، قد تلقى خسائر كبيرة نتيجة استمرار الأزمات ما بين حصار وحروب وأزمة جائحة كورونا.
كذلك ذكر أنّ عدم انتظام التيار الكهربائي يؤثر على عمل 3 آلاف عامل في الغزل والنسيج، في حين شهد قطاع السياحة الذي يعمل به 5 آلاف عامل انتكاسة وخسائر كبيرة نتيجة صعوبة ارتيادها في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية، بينما لا زال قطاع الإنشاءات والبناء يشهد شللا كاملا أدى لتعطل 40 ألف عامل، نتيجة عدم تحريك عجلة الإعمار منذ عام كامل، وهو ما ينذر بتداعيات خطيرة، في ظل تأخير عملية الإعمار، وفق تقرير نقابات العمال.
وفي السياق ذاته، أكد أن العمال استبشروا خيرا في مساعي الوسطاء الرامية لزيادة أعداد عمال غزة في الداخل المحتل إلى ثلاثين ألف عامل، وهو ما سيعمل على تحسين عجلة الاقتصاد الفلسطيني، مستدركا: "لكن الاحتلال يماطل في تنفيذ التفاهمات، وبات يستخدم قضية العمال بهدف تشكيل حالة شعبية ضاغطة على المقاومة الفلسطينية".
فقد كشف اغلاق حاجز بيت حانون/ إيرز لمدة يومين عن هذا المخطط، مما يعني أن موافقة الاحتلال على دخول عمال غزة كان بهدف تحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناتهم ولقمة عيشهم، بحسب العمصي.
واستعرض معاناة عمال الضفة، مؤكدا أنه ورغم أن الظروف الصعبة للشعب الفلسطيني تدفع أكثر من 100 ألف عامل من الضفة الغربية إلى البحث عن خيارات عمل "مرة" بالداخل المحتل، ونحو 70 ألفا يعملون في مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الاحتلال يشن حملات اعتقال متواصلة في صفوف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية بحجة عدم حصولهم على التصاريح اللازمة، وذلك بهدف تضييق الخناق عليهم ومفاقمة أوضاعهم الصعبة.
وأكّد أن الواقع المعيشي في قطاع غزة أصبح على صفيح ساخن، لأن الاحتلال يرفض تغيير الواقع ويستمر في جعل الناس يعيشون حياة رمادية بين "الموت والحياة" وهو نمط عقابي جماعي لمليوني إنسان.
وطالب العمصي الدول المانحة التي تعهدت بالإعمار بتسريع عجلة الإعمار لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار الكامل والقريب إذا بقي الحال على ما هو عليه.
ودعا الجهات المختصة في قطاع غزة لتحمل مسؤولياتها تجاه العمال ومعالجة كل الانتهاكات التي يتعرض لها العمال لغياب تطبيق قانون العمل وفرض الحد الأدنى للأجور حتى نمنع استغلالهم من قبل أرباب عملهم محذرا أنه إن " لم تحل هذه الأمور سيكون لنا كلمه واضحة خلال الفترة المقبلة".
ولفت إلى أن حوادث إصابة العديد من العمال في مواقع عمل في قطاع غزة تنبه إلى مخاطر واقع وإجراءات السلامة المهنية المتبعة، فضعف الرقابة يجعل المقصر يستمر في عدم توفير عوامل السلامة المهنية، خاصة أن نحو 90% من المنشآت العاملة في قطاع غزة تفتقد لعوامل السلامة والصحة المهنية في العمل.
فقد شهد القطاع منذ العام 2010 حتى اليوم أكثر من نحو 50 حالة وفاة لعمال أثناء مزاولة عملهم إلى جانب أكثر من ألف حالة إصابة، مبرزا في الوقت ذاته وجود حالات يتم التغاضي عن تسجيلها رسميا سواء من أصحاب المنشآت أو بإهمال من العمال بحقوقهم. وفق العمصي
وحول مخصصات الشؤون الاجتماعية، قال نقيب العمال: إن "عدم صرف المخصصات من قبل السلطة الفلسطينية منذ بداية العام يفاقم معاناة آلاف العمال المتعطلين عن العمل المستفيدين من شيكات الشؤون".
ودعا السلطة ووزارة العمل برام الله بتحمل مسؤولياتها وعدم إدارة الظهر لمأساة عمال غزة، كما فعلت بصندوق وقفة "عز" الذي لم يستفد منه عمال غزة.
وطالب منظمة العمل الدولية بفتح تحقيق مستقل في جرائم الاحتلال بحق العمال بالداخل المحتل والتي تؤدي سنويا لوفاة نحو 45 عاملا، والكشف عن المتورطين في استمرار نزيف دم العامل الفلسطيني.