مخصصات الشؤون "حقٌ تمنعه سلطة رام الله عن فقراء غزة"

آلاء النمر

على مصرعيها تُفتتح المشاريع الاستثمارية بأموال خيالية بالضفة الغربية المحتلة وبتوقيع صريح من قيادة السلطة الفلسطينية، مهما كان هدف تلك المشاريع بمبالغها الطائلة فهي لا تقصد إنعاش قطاع غزة ولا فقرائه، وإلا فهي ممنوعة وترتدي ثوب العراقيل جزافاً.

سبعون ألف عائلة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية مصنفين ضمن سجلات الشؤون الاجتماعية، وعلى السلطة الفلسطينية الإيفاء بحقوق هذه الفئة وعدم تبرير عجزها المصمم خصيصا للعائلات الفقيرة.

العائلات الأشد فقراً هي العائلات التي تقع تحت خط المماطلة والتسويف وتأجيل منح حقوقها، وهي ذاتها الطبقة الهشة اقتصاديا واجتماعيا، وتقطع مسافات من المكابدة والتصبر بالخبز الحاف، لعل خبراً يلوّح باقتراب المصروفات!، لكن الوقت يمتد بسيفه طولا دون انقطاع.

وتعيش هذه الأسر حالة من فقدان الأمن الغذائي، وعدم القدرة على توفير العلاج، خاصة لفئات الأطفال وكبار السن، إضافة إلى تراكم الديون على هذه الأسر التي أصبحت تعاني تدهورًا على المستويين الاقتصادي والمعيشي.

بيوت معتمة

صور ومشاهد الأزمة التي يقع في بئرها منتفعي الشؤون، تحيل البيوت لحالة إنسانية مخيفة، عدا عن ذلك يغلب على الأسر المنتفعة إصابة رب الأسرة أو أحد أفرادها بأمراض تحتاج لعمليات وعلاجات طويلة الأمد، حتى أن المصروفات المدفوعة لا تكفي أصحابها، فماذا لو لم تدفع أصلاً.

يضيء عتمة البيوت الفقيرة بصيص الأمل وتكرار الوعود بحل أزمة منتفعي الشؤون، لكنها سرعان ما تنطفئ وتعود إلى عتمتها بمجرد إعلان السلطة عن أزمتها التي تتوقف على أبواب الأسر المتعففة.

على وجه الطفل محمد عودة ذو العشرة أعوام ترتسم أسئلة بلا إجابات شافية، وهو ذاهبٌ لمدرسته دون مصروف يومي كباقي الطلاب، يتجنب الازدحام على بسطات الحاجيات الملونة، ويربط على بطنه من جوع يقرصه إلى أن يحين موعد عودته لبيته المفتقر إلا من الأمل.

هذا الطفل ظهر في مقابلة تلفزيونية أشاح بها للوضع المأسوي الذي يعيشه مع أسرته الفقيرة، وعجز والده المريض عن البحث عن عمل يرقع به فجوات الأيام التي تبقى بلا طعام.

الطفل عودة هو عنوان، لكنه يخفي خلف سطوراً طويلة من البؤس وانقطاع الأمل، ويشي بظلمة البيوت المستورة بالجدران التي تكاد أن تنطق بدلاً عن أصحابها.

فساد إداري

في السياق ذاته أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي أن تأخير صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية هو انتهاك لحقوق الفئات الهشة في المجتمع الفلسطيني، التي تنتظر هذه الشيكات بصبر نافد لتأمين احتياجاتها.

وقال عبد العاطي: "هناك فساد إداري وغياب للمساءلة والمحاسبة عند السلطة الفلسطينية، وهذا يجعل الفئات القيادية فيها تستأثر بالمال العام، وبأي حسابات من الأولويات التي من ضمنها شيكات الشؤون الاجتماعية".

وأضاف عبد العاطي: "إن نظام السلطة الفلسطينية لا يراعي النهج الحقوقي في قيام أصحاب الواجبات بمسؤولياتهم تجاه أصحاب الحاجات، لهذا الأمر انعكاس خطر، فإن تأخير صرف شيكات الشؤون أثر على حياة وحقوق هذه الفئات".

وطالب السلطة الفلسطينية بالإسراع في صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية للمستفيدين منها، لكونهم من الفئات الأكثر حاجة وهشاشة، التي تحتاج إلى انتظام في صرف مستحقاتها لا تعطيل صرفها.

ودعا عبد العاطي إلى أن تكون هناك سهولة في الحصول على المعلومات، خاصة موعد صرف المساعدات، فهذا حق للفئات المتلقية، إضافة إلى حسن التعامل بما يضمن كرامة الناس، وليس تركهم أمام البنوك يعانون الازدحام والانتظار ساعات طويلة.

الجدير بذكره أن مصروفات الشؤون الاجتماعية كانت تصرف ثلاث مرات خلال العام الواحد بقيمة 750شيكل، لكنها ومع اشتداد الأزمة المالية التي تعلن عنها السلطة تجاه مصروفات الشؤون فحسب، تقلصات المرات لمرة واحدة للعام 2021.