" مهرجان القدس " تظاهرة ثقافية يجب ادامتها 

محمد علوش 

 

على مدار ثلاثة أيام متتالية وفي اطار الحفاظ على وهج الثقافة الوطنية والتنويرية ، عقد في بيت لحم ، مهد نبّي السلام والمحبة ، " مهرجان القدس للشعر والنقد والفن الثاني عشر " والذي يتزامن مع فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية وبدعم واسناد من وزارة الثقافة الفلسطينية .

هذا المهرجان تظاهرة ثقافية يجب ادامتها والحفاظ عليها باعتبارها محطة مهمة في تجارب الشعراء والأدباء والنقاد والفنانين المشاركين في كل موسم من مواسم المهرجان ، ومن الجميل أن يتواصل عقد هذا المهرجان الثقافي سنوياً بحيث يشكل ملتقى للمثقفين والمشتغلين في الحقول الابداعية ، حيث تقام الحلقات الدراسية والنقدية والقراءات الشعرية والوصلات الفنية ومعارض الكتب والفنون التشكيلية .

لا بد من توجيه تحية كبيرة لرئيس المهرجان الشاعر الصديق د. جمال سلسع الذي يناضل في كل عام من أجل تنفيذ هذه الفكرة الخلاقة وجمع هؤلاء المبدعين خارج كل الجغرافيا في اطار تعزيز التجارب الابداعية وطرح القضايا النقدية من خلال نقاد أكفاء متميزين من مختلف المدارس النقدية .

والتحية لعضوي لجنة المهرجان الأديبين العزيزين والناقدين الحصيفين البروفيسور احسان الديك والبروفيسور عمر عتيق ، ودورهما الكبير في انجاح فعاليات المهرجان واستقطاب عدد من النقاد المميزين الذين أسهموا في تقديم دراسات ومقاربات نقدية في غاية الأهمية حول التحارب الروائية والشعرية والقصصية وحول الحالة النقدية في دروبها المتعددة ، حيث شغفنا حباً بما تم تقديمه من قبل المشاركات والمشاركين الذي أثروا المهرجان بتجاربهم ومقارباتهم الغنية والرائعة .

في هذا المهرجان ملتقى لعدد مميز من الشعراء المبدعين الذين أتحفونا بكل ما هو مميز من قصائدهم ودهشة أشعارهم ، ولا يتسع المقام لذكر أسماء الشعراء فهم جميعاً صديقاتي وأصدقائي الذين أفتخر بهم وبعطائهم وبتجاربهم الشعرية التي يتمز كل واحد فيهم بصوته الشعري الخاص ، كيف لا وهم الشعراء المبدعون الذين تعجز كل الكلمات عن الاحتفاء بهم .

ديمومة " مهرجان القدس "  حالة مهمة من حالات تحفيز الوعي الفلسطيني والنهوض بالمشهد الثقافي الفلسطيني ، من خلال إطلالة نوعية على نخبة من أعمال المبدعين والمبدعات في المجالات المتعددة ، وأهمية المهرجان تأتي من خلال الإصرار والإرادة والديمومة ، فمع كل دورة يقدم "مهرجان القدس" إبداعات أدبية ونقدية من المهم الانتباه إلى مشروعها الثقافي والاحتفاء بها.

وهذا المهرجان بكل فضاءاته ونوافذه المشرعة وكل الافكار والمداولات والنقاشات المعمقة التي دارت بين المشاركين في شتى مدارات الثقافة وفي الرواية والأسطورة والتاريخ القديم وفي التجارب الشعرية ، يحمل دلالة ثقافية وطنية وسياسية تؤكد أن القدس بوصلة كل المبدعين الفلسطينيين والعرب .

مهرجان القدس يهتم بإبداعات الشعراء النقاد الذين يثرون المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي ، وقد أصبح أيقونة أدبية وفكرية ونقدية تمثل المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي ، مع رسالة المهرجان التي تؤكد أن الثقافة كلٌ لا يتجزأ ، وأن المهرجان خريطة شعرية للوطن ؛ لأن المشاركين فيه يتوزعون على خريطة الوطن السياسية ، فقد حضروا من الضفة الغربية وغزة وأراضي عام 1948 ، وكان هناك شعراء من الشتات شاركوا عبر الشاشة المرئية بقصائد تحمل كل الحنين للوطن الأم .

كانت سعادتنا غامرة ونحن نلتقي بالأصدقاء الذين نجدد اللقاء بهم في كل موسم من مواسم المهرجان ، وقد تميزت أيام المهرجان بحالة من التناغم والترقب والدهشة بكل ما قدم من قراءات شعرية تميزت بشاعريتها المتوهجة ، ومحاضرات قيمة من قبل عدد من النقاد ودارسي الأدب من جوانب مختلفة .

علاقات دافئة بين كافة المشاركين ، وقد توثقت روابط الصداقة بينهم ، حيث تجدهم يتسامرون ليلاً بعد انتهاء الفعاليات الرسمية بحلقات عفوية فيها اشباع فكري واستحضار ثقافي وانبعاث شعري من حناجر الشعراء الحالمين ، فما أجملهم ، وما أجمل أرواحهم .

موعدنا في النسخة الجديدة للمهرجان في العام القادم ، ليظل " مهرجان القدس " أيقونة مضاءة كشجرة ميلاد ، في بيت لحم ، المدينة الخالدة التي تصدح بنداء الحياة .

 

وما زالت النجمة البكر في مهدها 

ويقين المجوس 

وما زالت النجمة البكر في وردها 

بنت روحي 

وأخت يبوس

وتحرس باب المدينة 

تحرس سارية الأغنيات 

بنخل البلاد 

بخبز التلاميذ

أو بعشاءٍ أخير يرتل نص الصليب

بشمسٍ حزينة .

أريح على مهدها درجات الغيوم

وأحصى الرسالات شرقاً وغرباً

وأحصي النجوم

كنائسك البيض ملح البلاد

وديرك جلله الصمت

في لغة الانبياء

وخصلة أيقونةٍ في الفضاء تحوم .

وفي البدء كان الكلام 

وكان اسمك أول الوقت وميلاد الرخام

وكان إليك المنتهى

والمشتهى والالتحام . 

 

 

شاعر فلسطيني